المخطط الجماعي للتنمية و إشكالية التنفيذ

                            
عبد الرحمان فريدي

تطبيقا لمقتضيات المادة 36 من الميثاق الجماعي , صدر بالجريدة الرسمية عدد 5943 بتاريخ 16 ماي 2011 مرسوم للوزير الأول رقم 2.10.504  بتاريخ 28 ابريل 2011 (1) يتعلق بتحديد مسطرة إعداد المخطط الجماعي للتنمية . حيث أن رئيس المجلس الجماعي يقرر, خلال السنة الأولى لولاية المجلس , وضع المخطط  الجماعي مباشرة بعد انتهاء المجلس من تكوين أجهزته. و يتخذ الرئيس هذا القرار بعد اجتماع إخباري تشاوري يحضره نواب الرئيس و الأجهزة المساعدة . و يطرح السؤال هنا حول حق أعضاء المجلس اللذين يوجدون خارج المكتب و الأجهزة المساعدة في حضور هذا الاجتماع الإخباري ما دام أن المرسوم لم يشر إلى عقد هذا الاجتماع في الإطار التداولي للمجلس ؟ إضافة إلى ذلك هل من حق الرئيس  اتخاذ قرار إعداد المخطط الجماعي دون إذن من الجهاز التقريري للجماعة في إطار دورة عادية أو استثنائية ؟

بعد ذلك يقوم رئيس المجلس بتعليق قرار إعداد دراسة المخطط الجماعي للتنمية  بمقر الجماعة داخل أجل 15 يوما التالية للاجتماع الإخباري التشاوري , كما يتم تبليغ الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم بنفس القرار داخل نفس الأجل , على أن يتضمن تاريخ بداية انطلاق الدراسة الإعدادية و شروط انجازها . و يجب على دراسة المخطط الجماعي للتنمية أن تتضمن تشخيصا للإمكانيات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية للجماعة ; الحاجيات ذات الأولوية المحددة بتشاور مع الساكنة و الإدارات و الفاعلين المعنيين و الموارد و النفقات التقديرية المتعلقة بالسنوات الثلاث الأولى التي يتم فيها العمل بالمخطط .

و يعرض مشروع المخطط على اللجان الدائمة للمجلس الجماعي و كذا على لجنة المساواة و تكافؤ الفرص , في أجل 45 يوما على الأقل قبل تاريخ عقد المجلس لدورته العادية أو الاستثنائية المخصصة لدراسته , على أن توجه داخل نفس الأجل نسخة من المشروع إلى سلطة الوصاية قصد الإخبار . و يعرض الرئيس  مشروع المخطط الجماعي على المجلس للتداول فيه قبل نهاية السنة الأولى من انتدابه . و إذا لم يتم إعداد المخطط الجماعي للتنمية داخل السنة الأولى لأي سبب من الأسباب , يمكن لسلطة الوصاية بقرار معلل أن تمدد هذا الأجل بمبادرة منها أو بطلب من رئيس المجلس .

و ما دام أن عرض مشروع المخطط الجماعي على لجنة المساواة و تكافؤ الفرص أصبح إلزاميا, فان عدم تكوين هاته اللجنة من طرف بعض المجالس, كما تنص على ذلك المادة 14 من الميثاق الجماعي ,يستدعي تدخل المشرع لوضع مسطرة لتكوين هاته اللجنة , التي بقيت إلى حد الآن رهينة في تكوينها لإرادة رئيس المجلس , و إلزام رئيس المجلس بالموازاة مع إصدار قرار وضع المخطط الجماعي بتأسيس لجنة المساواة . و هنا نتساءل ألا يعتبر مرسوم الوزير الأول , باعتباره تشريعا , إلزام ضمني لرؤساء المجالس المحلية بتكوين لجنة المساواة و تكافؤ الفرص في السنة الأولى من عمر المجلس ؟ إضافة إلى ذلك فان الميثاق الجماعي سكت عن الجهة المخولة بتحديد اختصاصات هاته اللجنة  و طريقة تسييرها هل هي المجلس الجماعي في إطار نظامه الداخلي المنصوص عليه في المادة 57 من الميثاق الجماعي ; أم رئيس المجلس الجماعي أم أعضاء اللجنة بعد تكوينها ؟

و في إطار تنفيذ مسطرة المخطط الجماعي يمكن لرؤساء الجماعات المحلية , أن يطلبوا المساعدة التقنية من المصالح الخارجية للدولة عن طريق سلطة الوصاية التي يمثلها الوالي أو العامل الذي ينسق بين هاته المصالح  وفقا للاختصاصات المسندة إليه بمقتضى القوانين الجاري بها العمل خاصة الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.75.168 بتاريخ 15 فبراير 1977 المتعلق باختصاصات العمال كما تم تغييره و تتميمه و القرارات و المراسيم المتعددة المتعلقة بتفويض السلطة للولاة و العمال .

و تتمثل المساعدة التقنية للمصالح الخارجية للدولة لفائدة الجماعات في تبليغ المعلومات حول المشاريع التي تعتزم الدولة و المؤسسات العمومية و القطاع الخاص انجازها فوق تراب الجماعة;وضع الوثائق و المعطيات الضرورية لإعداد المخطط الجماعي رهن إشارة الجماعة و تعبئة الموارد البشرية و المالية التي يمكنها المساهمة في إعداد تلك المخططات الجماعية و ذلك في إطار اتفاقيات للتعاون و الشراكة . كما يمكن لرئيس المجلس الجماعي اللجوء لخدمات الهيئات العمومية أو الخاصة أو المنظمات غير الحكومية طبقا للقوانين الجاري بها العمل .

و رغم أهمية المخطط الجماعي ,  كآلية للتخطيط الاستراتيجي  للتنمية داخل الجماعة, فان ضعف انخراط المصالح الخارجية للدولة في تنفيذ هاته الوثيقة التنموية , نظرا لعدم قدرة رؤساء تلك المصالح في التقرير دون الرجوع إلى السلطة المركزية , يجعل رئيس المجلس  يتحمل لوحده المسؤولية السياسية أمام سكان الجماعة في حالة عدم تنفيذ المخطط الجماعي  الذي و إن كان مخططا للجماعة, فان مسؤولية تنفيذه تبقى على عاتق المنتخبين و ممثلي المصالح الخارجية للوزارات . فلا يمكن أن نحمل للمنتخبين مسؤولية الخصاص المهول في البنيات التحتية و الخدمات الأساسية داخل الجماعات , التي لا يمكن لأي مخطط جماعي  للتنمية أن يرفع مؤشرات التنمية فيها دون انخراط  فعلي للدولة لتدارك السنوات الطويلة من التهميش و الإقصاء  التي سببتها سياستها التي كانت تسير بسرعتين تنمويتين نتج  عنها جماعات محلية ذات تشوهات تنموية تحتاج إلى عمليات جراحية  تجميلية للحاق بركب المغرب النافع .

و إذا كان إعداد المخطط الجماعي نابع من القرار السياسي المحلي , بتعبير دليل إعداد المخطط الجماعي الذي أصدرته وزارة الداخلية ,فان تنفيذه رهين بالقرار السياسي الإقليمي والجهوي والوطني . و الدليل ما وقع لمشروع إصلاح سد تمدى نمسعود بجماعة غريس العلوي بكلميمة الذي عجزت كل المجالس المتعاقبة على تسيير الجماعة , منذ الاستقلال إلى زمن الوكالة اليابانية للتعاون الدولي  ,  على تنفيذه رغم توفر الإمكانيات المالية و رغم توفر الإرادة السياسية المحلية  التي لم تعد تكفي لوحدها في ترجمة ما تسفر عنه إرادة الناخبين على ارض الواقع . بل إن هاته الإرادة المحلية تبقى في بعض الأحيان عاجزة  حتى عن حل بعض مشاكل السكان اليومية كتلك المرتبطة بالحصول على رخصة البناء فوق الأراضي الجماعية التي أصبحت مشكلا يؤرق المنتخبين , في زمن الوكالة الحضرية التي أصبحت هي الجهة المختصة في منح رخصة البناء وذلك للطابع الإلزامي لرأيها المطابق , إلى درجة أن رئيس بلدية الرشيدية طالب في اجتماع المجلس الإداري الأخير للوكالة الحضرية بالرشيدية , الذي انعقد بتاريخ 22 فبراير2011 بقاعة فلسطين, بسحب اختصاص التعمير و البناء من المنتخبين ما دام أن رئيس المجلس المنتخب يقع تحت وصاية الوكالة الحضرية و يعجز عن منح رخصة بناء دون ضوء اخضر من ممثل سلطة غير منتخبة ,  و مادام كذلك أن المنتخبين ليسوا مسؤولين عن الوضعية غير القانونية لمعظم التوسعات السكنية التي أقيمت فوق أراضي الجموع و التي انتشرت في وقت سابق كالسرطان أمام أعين السلطات المحلية و الإقليمية الوصية على أراضي الجموع و رغم ذلك اقترحت الوكالة الحضرية على المنتخبين لحل هذا المشكل اللجوء الى مسطرة اقتناء الأراضي الجماعية و ما يعنيه ذلك من مشاكل إضافية لهم في علاقتهم بالناخبين . و هنا نتساءل الا تعتبر مسألة اقتناء الأراضي الجماعية المقامة حولها التوسعات السكنية غير القانونية من طرف الجماعات المحلية تبييض لصفحة الذين كانوا سببا في هاته الوضعية بكلفة مالية و سياسية يؤديها المنتخبون ؟




Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

L'école coranique

Résistants ,contre qui ? Article de M. Ahmed Assid ,traduit par Aziz Boufous .

Compte rendu de la réunion du forum marocain pour la vérité et la justice(section de Goulmima).